قصصية البحث العلمي

حيلة من لا حيلة له الصبر؛ وما أكثر ما صبرت على الأبحاث العلمية الأفقية، التي تتجاور الفصول فيها ولا تتراكب؛ فلا يكون أعظم لديها من أن يستقل كل فصل من فصولها بقصد من قصودها، ثم لا شيء غير ذلك!
ألم يأن لهؤلاء الباحثين أن يعلموا أن قصودهم هذه الكثيرة التي يفرحون ببلوغها، يكاد بعضها يلغي بعضها، حتى إذا فرغ من قراءة أبحاثهم متلقوها، ونظروا في أيديهم لم يجدوا غير القصد الأخير من الفصل الأخير!
ألا فليعلم هؤلاء الباحثون أنهم مبتلون بجزئية منهجٍ لا علاج لها إلا توريد الأوراد اليومية من الأعمال القصصية، التي تشتمل على سلاسل متآخذة متكاملة من الأحداث المتنامية، التي تبدأ على نشأتها ثم تتصاعد إلى أزمتها ثم تتهابط إلى انفراجتها؛ فإذا فرغ منها متلقوها بقُوا في دوامتها وكأنما اتصلت بهم شحنتها الكهربية؛ فلا تدعهم حتى يتمغنطوا!
نعم؛ وما ألطف عجب أستاذنا الدكتور محمد حماسة عبد اللطيف -رحمه الله، وطيب ثراه!- لأبحاث أحد تلامذته في غيرها من الأبحاث، كيف أزاله عنها بأنه يصطنع لها مثلما يصطنع الأفلاميون السينيمائيون، يعدها مثلما يعد الأفلام مؤلفوها، ثم يعالجها مثلما يعالجها سينارستوها وحِواريُّوها وممثلوها، ثم يراجعها مثلما يعيشها مشاهدوها!

Related posts

Leave a Comment